"البراق" لشركة فرنسية.. هل هي معاكسة لإرادة الملك؟
نبيل بكاني
نزل خبر تفويت صفقة أشغال تخص إنشاء الخط الثاني لسكك حديد القطار السريع "البراق" لشركة تابعة للحكومة الفرنسية كالصاعقة على نفوس المغاربة، في أكبر إهانة توجهها حكومة أخنوش التي يقودها حزب رجال الأعمال، أحد أهم هياكل اللوبي الفرنسي في البلاد، إلى المغاربة.
فبعد أن كان المغاربة يأملون من حكومة "تمغربيت" كما سماها زعيمها عندما كان يضحك على الناخبين خلال حملته الانتخابية، أن تتخذ كافة الإجراءات والتدابير لحماية كرامة المغاربة وحقوقهم المعنوية والمادية، تجاه ما تعرضوا له من سرقة موصوفة وبالجرم المشهود، ومن نهب وسلب المغاربة أموالهم، ومنعهم من حقهم المنصوص عليه في العهود الدولية، والذي يتيح لهم التجول والسفر إلى دول العالم، وبعد صمت الحكومة عن جرائم النهب الفرنسية، وعدم تحركها، كما تفرض عليها مهامها كسلطة تنفيذية ملزمة بتنفيذ ما ألزمها به الدستور، لحماية حقوق المواطنين وحقوق الإنسان عموما، والتي تشكل مسارا أكد المغرب أنه لا رجعة فيه، وبعد امتناعها عن الرد على الفرنسيين بالمثل، كون أن القرارات الفرنسية في حق المغاربة تشكل انتهاكا فظيعا يمس بمكانة المغرب والمغاربة، فإن حكومة رجال الأعمال ذات التوجه الفرانكفوني، تبقى المسؤول الأول والأخير عن التساهل مع الانتهاكات التي قامت بها فرنسا في حق المغاربة، وأيضا في حق بلدهم وذلك من خلال فتحها لبرلمانها لاستقبال عناصر إرهابية انفصالية والسماح لها برفع علم الانفصال والتطرف، فالقضية هنا لا تتعلق بسياسات خارجية تدخل في إطار العلاقات بين الدول، وإنما بانتهاك وخرق للسيادة وقوانين البلاد، سواء ما تعلق منها بسرقة القنصليات الفرنسية المتواجدة بالمملكة لأموال المغاربة، أو بفتحها لبرلمانها للمليشيات المعادية للمملكة، وهو ما يلزم، حسب الدستور، الجميع، شعبا وحكومة إلى التجند لحماية السيادة من خطر خارجي.
لقد أثبتت حكومة أخنوش الفرانكفونية، بالملوس، معاكستها لإرادة المغاربة، بل وتفضيلها مصالح الدولة الفرنسية، على حساب المغرب والمغاربة، في الوقت الذي بات فيه إجماع وطني على قطع خيوط التبعية المذلة لدولة فرنسا، بما فيها القيود والأغلال اللغوية، وإلغاء العمل بالأعراف المتوارثة عن فترات سابقة، أتاحت لفرنسا الاستفادة من الامتيازات في مختلف المجالات، بما فيها استعمال اللغة الفرنسية في إطار ازدواجية لا ينص عليها الدستور ولا ينظمها أو يؤطرها أي قانون.
لقد كان خطاب جلالة الملك واضحا، أن نافذتنا على العالم هي الصحراء المغربية، وهي الإرادة التي نرى اليوم، كيف انتهكها مكتب السكك الحديد المغربي، ودون أن تتحرك الحكومة لمحاسبة المسؤولين، فالدستور جعل السلطة التنفيذية مشرفا على الإدارة والشركات والمؤسسات العمومية، وحملها العمل على حسن سير وتنفيذ القوانين وبرنامجها الحكومي، وهو ما يوجب على البرلمان التحرك لمساءلة وزير النقل واللوجيستيك على هذا السلوك الذي استفز المغاربة وأثار ضغينتهم وعاكس إرادتهم.
إن الحكومة مسؤولة أخلاقيا وسياسيا وقانونيا عن تفويت مكتب السكك الحديد المغربي الواقع تحت إشراف وزارة النقل واللوجيستيك، لصفقة تتعلق بالخط السريع، وهي بذلك تكون قد عاكست إرادة الملك وإرادة الشعب، التي بدورها التقت مع الرغبة الملكية، القائمة على مبدأ الكرامة والندية، والتي تترجمها عبارة: "مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس".
لقد أثبتت الحكومة، اليوم، أن ولاءها لفرنسا، فبعد صمتها المطبق والمذل لصرخات المغاربة، أسرا وطلبة، المكتوين بالظلم الذي سلطته عليهم المصالح القنصلية الفرنسية، وبعد صمتها المهين على المطالب والحملات الشعبية الداعية إلى القطع مع لغة التخلف والتبعية، لغة فرنسا التي لا يتجواز وجودها الفعلي حدود دولة بلاد الغال، ها هي اليوم تعاكس إرادة الشعب والملك، وتمنح من يعاكسنا في قضيتها الترابية والروحية والمصيرية، ويفتح مجلس أمته لعناصر الانفصال والتطرف والإرهاب، ويلغي مملكتنا العزيزة من خريطة العالم، تمنه الصفقات غير القانونية، وتتمعن في استفزاز المغاربة وفي تحقيرهم، كما لو أن قلبها وهمها مع مصالح فرنسا ولو على حساب الوطن والشعب.
كاتب وناشط حقوقي
تعليقات
إرسال تعليق