الجبهة المغربية للاستقلال اللغوي تطالب "الهاكا" بالتوقف عن دور محامي اللوبي الفرانكفونوي وتحذر من تغول لغة فرنسا في الاعلام
تسجل الجبهة المغربية للاستقلال اللغوي، بحيرة كبيرة، استمرار تغول لغة الجمهورية الفرنسية في قطاع الإعلام السمعي البصري العمومي، رغم الحملات الشعبية ومطالب المغاربة المتصاعدة بالقطع النهائي مع هذه اللغة المتخلفة، وهو التغول الذي تجاوز حتى الحد المحدد لهذه اللغة الأجنبية في دفاتر التحملات، خاصة القناة الثانية، والتي صيغت بعقلية احتكارية اقصائية أيديولوجية متجاوزة ومتخلفة، حيث أصبح استعمال وحشو البرامج والإنتاجات على هذه القنوات والإذاعات، بجمل وتعبيرات من قاموس لغة المجتمع الفرنسي، خاصة الإنتاجات الدرامية، أصبح توجها رسميا داخل هذه المؤسسات.
وإن
الجبهة المغربية للاستقلال اللغوي، باعتبارها تعبير عن صرخة المغاربة ضد
الاختراق اللغوي الأجنبي، وعن إجماع شعبي بضرورة القطع النهائي مع التبعية
اللغوية المذلة للمغاربة، وإذ تستنكر بشدة استمرار هيمنة لغة بلد آخر على
قطاع الإعلام السمعي البصري الوطني، خصوصاً العمومي، خاصة أن وزارة التواصل
مازالت تحرص على حماية دفاتر تحملات أصبحت متخلفة ولا تساير تطور المغاربة
وتنامي الوعي الحقوقي والكرامة التي ينتهكها الاختراق اللغوي المدعوم
رسميا، والممثل في سيطرة لغة مجتمع آخر بعيد عنا لغويا وثقافيا وحتى دينيا،
على الفضاء الإعلامي بالبلاد، فضلا عن تبذير المال العام على برامج لا يشاهدها الا عدد قليل من المغاربة وهو ما تؤكده بيانات رسمية صادرة عن احدى هذه القنوات العمومية، تتوفر عليها الجبهة.
وإذ
تشير في هذا الباب إلى وضعية اللغة الفرنسية غير القانونية في القناة
الثانية وخدمتها الإذاعية، التي تلتهم أكثر من ٢٠ بالمئة من برامجها، وإذ
تتساءل عن ما هي القيمة المضافة من فرض هذه اللغة التي يجبر المواطن على
تمويلها.
فإن
الجبهة المغربية للاستقلال اللغوي، تطالب باحترام إرادة المغاربة المعبر
عنها سواء في دستورهم الذي لم يعترف بلغة فرنسا، أو من خلال الحملات
الواسعة الداعية إلى القطع التام مع هذه اللغة الميتة المتخلفة، وإذ تدعو
الوزارة المعنية إلى تعديل دفاتر تحملات الإعلام العمومي وإلغاء هذه اللغة
التي أمست منبوذة من طرف المغاربة، من هذه الخدمات، سواء التلفزيونية أو
الإذاعية، كون المغاربة شعب له سيادة لغوية وثقافية ودينية، ويتمتع بكامل
استقلاليته، ولا يمت بأي صلة ثقافية أو لغوية للمجتمع الفرنسي الأوروبي،
الذي لم يسجل التاريخ أن المغاربة كانوا جزءً منه يوما، كما أن استمرار
الوزارة ووسائل الإعلام العمومية في التعامل مع الفرنسية كما لو كانت لغة
وطنية بتخصيص جزء وفير من البرامج التلفزيونية والاذاعية لهذه اللغة
الأجنبية، يلزم الوزارة المعنية بتفسير الفائدة من هذا التوجه، وماذا قدم
ذلك للمغاربة؟ وهل هذه البرامج يشاهدها الفرنسيون؟ ثم ما هي القيمة المضافة
لنا كمغاربة في حال إذا افترضنا أن الفرنسيين يتابعون هذه البرامج،
ومعظمها تهتم بمواضيع محلية، لن تستقطب بأي حال من الأحوال مشاهدا أجنبيا
له اهتماماته التي يوفرها له إعلامه الوطني في بلاده؟.
وإذ
تطالب الهيئة العليا للإتصال السمعي البصري، بالتوقف عن تنصيب نفسها
محاميا مدافعا وحاميا لتوجهات لغوية يفرضها اللوبي الفرنسي في وسائل
الإعلام المسموعة والمرئية العمومية، حيث يتجاوز هذا الانتهاك الخطير
والممنهج الممثل في تحجيم لغتي الشعب المغربي، وإغراق إعلامنا بلغة أجنبية
لا تمت لنا كمغاربة بأي صلة تاريخية أو ثقافية، سوى أنها فرضت على المغاربة
من خارج الدستور وضد قرارات القضاء المغربي الشجاعة، وبالاكراه، ودون أن
يستشار المغاربة بخصوصها، فإنها تدعوها إلى القيام بواجبها في حماية الحقوق
اللغوية للمغاربة، وحقهم في الوصول إلى المعلومة التي يعيقها استعمال لغة
الجمهورية الفرنسية، وحقهم في متابعة ما ينتج على وسائل الإعلام من المال
العام دون أي عائق والذي تسببه لغة فرنسا باعتبار هذه اللغة غير القانونية
تمثل آلية إقصاء ممنهج للشعب المغربي تمنعه من الوصول لعدد كبير من حقوقه
الطبيعية.
وإذ
تسجل باستهجان شديد، أن توظيف لغة فرنسا في المسلسلات، قد بات يتخذ أسلوبا
تمييزيا طبقيا، حيث يتعمد منتجو هذه الأعمال استخدام هذه اللغة، التي سبق
أن اعتبرها القضاء الإداري لغة غير قانونية، في الحوارات المخصصة للطبقات
الميسورة، في المقابل تخصص العربية العامية للحوارات المرتبطة بالشخصيات
والشخوص من الطبقات الاجتماعية الأدنى والمنتمية للبوادي أو الأحياء
الشعبية، وهو ما
ينم عن توجه عنصري طبقي خطير يحاول اللوبي الفرنسي غرسه في اللاوعي الجمعي،
وغايته من ذلك ربط لغة المجتمع الفرنسي بكل ما هو حديث وعصري وراق في
المغرب، مقابل تصوير لغة الشعب المغربي كما لو أنها لغة الطبقات الفقيرة
المعدومة والأحياء الهامشية والقرى النائية والأشخاص غير المتعلمين.
لقد
جاء في الفصل الخامس من الدستور أن مؤسسات الدولة ملزمة ب"حماية اللهجات
والتعبيرات الثقافية المستعملة في المغرب"، غير أن الإتجاه الفرانكفوني
الأيديولوجي داخل الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، ومن خلال رفضها
تطبيق ما نص عليه الدستور في هذا الجانب، وتحقيرها للشكايات المقدمة لها
بهذا الخصوص، ضد القنوات والإذاعات، تتعمد الانحياز لتوجهات اللوبي
المتفرنس، مثلما يظهر ذلك، أيضا، من خلال تناقضات هذه الهيئة التحكيمية،
التي يذكر الجميع الرسالة الضمنية المتمثلة في مخاطبة رئيستها الرأي العام،
بلغة فرنسا، في أول ندوة صحفية بعد تعيينها، ويظهر هذا التناقض في القرار
رقم 20 - 94 المؤرخ في 21 ديسمبر 2020 والذي وعدت فيه الهيئة العليا
للسمعي البصري، بإنجاز تقرير حول استعمال اللغات في الإعلام المغربي وإصدار
توصيات للمؤسسات المعنية، ورغم مرور عامين لازالت هذه الهيئة تتلكأ في
اتخاذ الإجراءات الدستورية التي من شأنها حماية وصون الحقوق اللغوية
والثقافية للشعب المغربي التي يجري انتهاكها بشكل ممنهج ومخطط له من طرف
اللوبي الفرنسي الإجرامي.
إن
طريقة معالجة هذه الهيئة للشكاوى التي تعرض عليها بخصوص قضايا اللغة في
وسائل الإعلام، تغيب فيها أبسط المعايير القانونية، ولا تعير أي اعتبار
للدستور الذي هو أسمى قانون في البلاد، والذي أكد على إلزامية عمل مؤسسات
الدولة على حماية وصون اللغات الوطنية وهوية اللهجات والتعبيرات المغربية،
وهو ما تجهز عليه هذه الهيئة بمبرر واه هو حرية التعبير، متناسية أن الحرية
في هذا البلد مؤطرة بقوانين وبمرجعية دستورية، وحرية التعبير لا تعني فرض
الأيديولوجيا الفرانكفونية الأجنبية على شعب بأكمله من خلال استغلال دائرة
ضيقة من أصحاب التوجهات الشاردة، لمؤسسات إعلامية مملوكة لكافة المغاربة من
طنجة إلى الكويرة.
تعليقات
إرسال تعليق