مقترح إلى معالي وزير الثقافة والشباب والتواصل لتفعيل الفصل الخامس في قطب الاعلام العمومي

 


 

 وجه المرصد العربي للاعلام تابع للمنظمة العربية للتعريب والتواصل، بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، رسالة مفتوحة الى السيد وزير الثقافة والشباب والتواصل لتفعيل سيادية اللغة الوطنية على أرض الواقع واستبدال الفرنسية بالانكليزية وهذا نصها


الدار البيضاء، في 12 كانون الأول/ ديسمبر 2021

 

الموضوع: مقترح إلى معالي وزير الثقافة والشباب والتواصل

لفائدة: المرصد العربي للإعلام 

سلام تام بوجود مولانا الامام، وبعد

 

في الوقت الذي تتبتهاهى فيه قنوات ووسائل إعلام دول العالم المتقدمة، بلغاتها الوطنية وتجعلها في المقدمة وتعطيها الأولوية، نجد في بلدنا قنوات وإذاعات عمومية ممولة من أموال المغاربة، قد تحولت إلى ما يشبه نادي لغوي للتباري والتنافس على اللغة الفرنسية التي لا يعترف بها الدستور ولم يستفتي أحد المغاربة بشأنها، وقد سخرت كافة إمكاناتها العمومية لخدمة مشروع اللغة الفرنسية وقتل لغتنا الوطنية.

 

إن وضعية اللغة العربية في الإعلام الرسمي، أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها قد باتت في موقع لغة أجنبية بامتياز، خاصة في القناة الثانية سورياد، التي تمتنع، إلى اليوم، عن التخلي عن ماضيها كقناة خاصة، وترفض إدارتها المفرنسة أن تفهم أن المغاربة يملكون هذه المؤسسة، بعدما أنقذوها من إفلاس مالي مؤكد، قبل عقود، وبالتالي، فإن لديهم كامل الحق في أن تحترم لغتهم الوطنية التي تعبر عن ثقافتهم ووطنيتهم وهويتهم وقيمته ومكانتهم داخل بلدهم.

 

إن الوضعية الكارثية للغة العربية في القناة المذكورة، وفي الخدمة الإذاعية التابعة لها (راديو دوزيم) لا تتطلب الكثير من الجهد والبحث، ذلك أن المغاربة أصبحوا متيقنين بأن إدارة هذه الشركة تتبنى سياسة عدائية تجاه لغة الوطن والمواطن، مقابل تنصيب نفسها مدافعاً غير شرعي عن لغة مجتمع آخر، وذلك في تحدٍ صريح ومفضوح لإرادة المغاربة ولدستور المملكة ولقانون السمعي البصري.

 

لقد وصل العداء للغتنا العربية الفصحى، في القناة الثانية، درجة جعلوها كلغة أجنبية وليست لغة جميع المغاربة. ويكفي أن نطالع هذه الأرقام المضمنة في الوثيقة الصادرة عن القناة، والمرفقة مع هذه الرسالة، حيث، مثلا، بعدما كانت العربية الفصحى (اللغة الرسمية) هي السائدة في البرامج المخصصة للأطفال، نجدها اليوم حسب الأرقام الرسمية، قد تخلفت خلف الفرنسية (اللغة غير القانونية)، حيث يصر مدير البرامج على تحقير اللغة الأم لأبناء المغاربة فيجود عليها أحيانا بفتات لا يتعدى 97 برنامجا من مجموع البرامج المخصصم للصغار، مقابل 143  للغة فرنسا، و271 للدارجة مما مجموعه 511 برنامجا لاطفال في ألسنة، وذلك في تحد صارخ للدستور الذي ألزم بإعطاء الأولوية للغة الوطنية، وفي استفزاز فاضح لمشاعر المغاربة خاصة أمام الحملات الشعبية المطالبة باستبدال الفرنسية المتجاوزة بالانكليزية (مرفق جواب القناة على طلب معلومات بخصوص النسب المخصصة للبرامج المبثوثة باللغة الوطنية واللغة غير القانونية).

إن الوضع الذي تعرفه الخدمة الإذاعية التابعة لصورياد القناة الثانية، لا يمكن وصفه إلا بالكارثة والمهزلة بل والفضيحة، حيث أصبحت القناة تعتمد على أشخاص عديمي الخبرة والكفاءة، توكل لهم تقديم برامج ممولة من المال العام، ويجري انتقاؤهم خارج الشروط المهنية، بل إن متابعة موضوعية لبرامج الإذاعة، كافية لأن تشكل لدى المتابع، استنتاجا يفيد بأن الإذاعة تتعمد استقطاب أشخاص متمكنين في اللغة الفرنسية الأجنبية على حساب اللغة الوطنية، لتقديم برامج باللغة العربية، الشيء الذي ينعكس بصورة كارثية على اللغة المستعملة، بسبب ضعف هؤلاء في اللغة العربية مقابل غلبة الفرنسية على لسانهم وتفكيرهم، حيث نجد أن هذه البرامج قد تحولت إلى ما يشبه نادي للتباري حول اللغة الفرنسية، وليس برامج يفترض أن ترتقي بالذوق العام وتنتصر للغة الوطن ولثقافته وتصون هويته.

 

سبق أن تقدمنا بشكوى لدى الهيئة العليا للسمعي البصري بهذا الخصوص، وطرحنا عليها نموذجا كارثيا وهو البرنامج المسمى بلغة فرنسية/ عربية "لوريفاي مع عثمان" وتلقينا جوابا (مرفق نسخة منه) يفيد ب....... .. غير أن دار لقمان كما يقال مازال على حالها.

 

هل يعقل أن يتحكم بضعة مسؤلين يشكون الاستيلاب اللغوي، أجسادهم في الوطن وعقولهم تعيش في مجتمع آخر، أن يتحكموا في مؤسسات مملوكة لسائر المغاربة. ففي مقابل إقصاء غير مفهوم للغة الأمازيغية، سواء في تلفزيون القناة الثانية أو في خدمتها الإذاعية، ومقابل حرب غير مفهومة، على العربية الفصحى، إلى درجة أن الدائرة حولها ضاقت حتى تم اختزالها في نشترين إخباريتين يتيمتين، وقد وصل العداء للغتنا الوطنية، حدا جعل منهم يقحمون الدارجة لكي تنافس الفصحى حتى في نشرات الأخبار من خلال الشكل الجديد الذي اختير بعناية لنسف ما تبقى من حيز يتيم للغة وجدت نفسها ضحية "الحكرة" داخل مؤسسة مملوكة للمغاربة، أما الخدمة الإذاعية للقناة الثانية، فالعربية الفصحى فيها، على ما يبدو، ليست من مستوى أصحاب القرار داخل هذه الإذاعة التي اختار لها هؤلاء إسما بلغة أجنبية.

 

إننا لسنا ضد الدارجة، فهي أيضا تعبير عن تراثنا الغني، وإنما نحن ضد غلبة الطابع الأيديولوجي المقرف المعادي للغة العربية، حيث تتعمد التيارات الفرانكفونية بأفكارها ودهنيتها المتجاوزة والعتيقة، داخل القناة، خلق منافسة غير شريفة بين الدارجة والفصحى، من أجل أن تنتعش اللغة الفرنسية المفروضة على المغاربة من خارج دستور هم.

إن الإعلام الرسمي مجبر بقوة الدستور على حماية الهوية اللغوية واللسنية للشعب المغربي، وتحوله إلى مدافع عن الهوية اللغوية الفرانكفونية جريمة وانتهاك للقانون، وذلك لأن المغرب ليس بلداً فرانكفونيا كما يدعي هؤلاء، لأن الدستور لا يعترف بأي مكون أو انتماء لما يسميه البعض مجالا فرانكفونيا. فاستنادا إلى أي قانون إذن، تجعل بعض المؤسسات الإعلامية العمومية نفسها مدافعا عن شيء لا يذكره الدستور، مقابل تحقير حق شعبي يضمنه الدستور والمتمثل في الحقوق اللغوية والثقافية والقيمية المشكلة لهويتنا الوطنية العريقة

إن إدارة البرمجة، تتعمد التشجيع على إقحام المفردات والجمل الفرنسية في محتوى البرامج المبثوثة بالدارجة، درجة الإغراق. وهكذا أصبح القاموس اللغوي الإعلامي المعتمد هو الفرنسية وليس لغة الوطن، وهذا السلوك لم يعد بخافي، وهو خرق فاضح للفصل الخامس من الدستور الذي ألزم بحماية وصون التعبيرات الدارجة وكذا لدفتر تحملات القناة الثانية.

إن المبررات التي تسوقها إدارة القناة حول دوافع إقصاء اللغة العربية الفصحى، بكون الدارجة أكثر قربا من المواطن، وبعد أن نذكر هؤلاء بأن نسب الأمية في المغرب باتت ضئيلة جدا خاصة وسط الشباب، وهو ما تعكسه أعداد المغاربة الذين يفضلون مشاهدة قنوات أجنبية تبث بالفصحى، سواء القنوات الرياضية أو الإخبارية أو الوثائقية، إضافة إلى الأعداد الكبيرة من المغاربة الذين يتابعونها عبر يوتيوب. ومقابل ذلك، فإننا نتساءل عن موقع اللغة الفرنسية الأجنبية، وما إذا كان المغاربة يفهمون بهذه اللغة أكثر من لغتهم الوطنية، وهو الوضع الذي بات يحتم إعادة النظر في النسبة المئوية (20) بالمئة المهداة للغة غير القانونية (اللغة الفرنسية)، خاصة أن أحكام القضاء الإداري المغربي اعتبرت الفرنسية انتهاكا للسيادة وللقانون، كما أن هذه اللغة المفروضة من خارج الدستور، باتت آلية تستعمل في الإقصاء الممنهج، ووسيلة للتمييز حسب الإنتماء الطبقي، ما يتعارض مع المساواة والعدالة المجتمعية ومع النموذج التنموي الجديد، وكدا مع إرادة جلالة الملك نصره الله، في تدعيم سياسات ديمقراطية وعادلة وتخليق الإدارة وتقريبها من المواطن.

 

إن جميع الدول الديمقراطية، بدون استثناء، قد سارعت باكرا إلى معالجة مسألة انتهاك الحقوق اللغوية، والتي تصر القناة المذكورة، على التمادي فيها، بحيث أن هذه التجارب خلصت إلى حماية لغاتها الوطنية، وجعلتها في مراكز الأولوية والتقدير، وذلك لكون قيمة اللغة ومكانتها تعكس مدى قيمة المواطن ومكانته من اهتمامات الحكومة ومؤسسات الدولة.

 

وهنا ندين الخلط الرهيب للغة الفرنسية في البرامج المبثوثة بالدارجة المغربية، خاصة في الخدمة الإذاعية التابعة للقناة، وهي الازدواجية التي تتعارض مع دفتر التحملات وقانون السمعي البصري والدستور، التي ألزمت جميعها بصون وحماية اللهجات المتداولة وطنياً.

 

وعليه، نطالب في هذا المرصد، باحترام الحقوق اللغوية والثقافية للمغاربة، كما أوردها العهد الدولي والدستور المغربي.

 

صون الدارجة المغربية في برامج القنوات العمومية والإذاعات، بما في ذلك الأعمال الدارمية سواء الوطنية أو الأجنبية المدبلجة، ومثال على ذلك ما تعرفه المسلسلات التركية المدبلجة إلى العامية المغربية، من حضور للمصطلح الفرنسي على حساب الوطني، ما يوجب تبني قاموس عربي أو مغربي، يغني عن الاستعانة بالمفردات الفرنسية.

 

إلغاء الازدواجية اللغوية التي تزاوج بين اللغتين الوطنية واللغة غير الدستورية، في نفس البرنامج، كما هو الحال في إذاعة "راديو دوزيم" حيث يشترك مذيع متحدث بالفرنسية مع مذيع بالعربية في البرنامج الواحد

 

العمل على استعمال المفردات المحلية بدل المفردات الأجنبية في البرامج المبثوثة باللغة العربية، وضمان حضور وازن للغة العربية الفصحى، وكذلك اللغة الأمازيغية.

 

إعادة تقييم اللغة الفرنسية في القنوات والإذاعات العمومية، لتحديد مدى جدوى هذه اللغة والفائدة الفعلية والملموسة لها، وتقديم تقارير بهذا الشأن للرأي العام، حتى يطلع المغاربة على الجدوى من صرف وتبدير أموالهم، على برامج تبث بلغة غير معترف بها قانونيا، يجري إقصاؤهم من حقهم في مشاهدتها وذلك بغض النظر عن النموذج الاقتصادي للقناة.

 

إلغاء نسبة عشرين بالمئة للغة الفرنسية من دفاتر القناة الثانية، وذلك لكونها تعتبر تمييزاً، كما أن المحاصصة (الكوتا) لا تجوز سوى للغات التي يعترف بها الدستور ويضمها حقوقها للمواطن، وبالتالي تخصيص حصة للغة غير معترف بها في الدستور ويعتبرها القضاء لغة غير قانونية، يدخل في باب الانتهاكات التي لا تتماشى مع واقع حقوق الإنسان في المغرب، لكون منح حصة للغة مفروضة من خارج الدستور، يعد خرقا للدستور، وبالتالي وجب التخلي عن هذا المنهج الذي فرض قبل الدستور الحالي، وذلك بحصر اللغات الأجنبية في نشرات اخبارية وبرامج موضوعاتية محدودة.

الانفتاح على اللغة الإنكليزية التي هي مطلب شعبي، وذلك بتخصيص، إلى جانب نشرة بالفرنسية، نشرة للغة الإنكليزية.

ونود أن نلفت عناية معاليكم الكريمة إلى أننا سبق لنا في هذا المرصد أن تقدمنا بمذكرة إلى هذه الوزارة في 13 يناير 2020 بواسطة البريد المضمون، تتضمن مجموعة من الاقتراحات تهدف إلى المساهمة في إعداد دفتر تحملات جديد للقناة الثانية وخدمتها الإذاعية، وذلك وفق سياسات عصرية تراعي تطور المغاربة وتنهي مع مرحلة احتكار القرارات المتعلقة بالسياسة اللغوية، بهدف إقرار سياسة لغوية جديدة عصرية تحترم حقوق الإنسان في صبغتها المتعلقة بالحقوق اللغوية والثقافية الوطنية، بما يتماشى مع الدستور الجديد ومع تطور الدهنية المغربية، وكذلك أمام التخلف الشديد الذي تعرفه اللغة الفرنسية، وهي اللغة التي لم يعد ممكنا فرضها على المغاربة أو حتى إقناعهم بجدواها أو أهميتها، إلا أنه للأسف تم إخفاء هذه المقترحات، حيث أن أحد مسؤولي الكتابة العامة للوزير أخبرنا في حينها، بأن مقترحاتنا موجودة في  درج السيد الوزير (الوزير محمد الأعرج)، لكن بعد تغير الوزير الأسبق، وفي عهد السيد عثمان الفردوس كررنا الاتصال بمصالح الوزارة التي أخبرتنا بعدم وجود هذه المذكرة. وإذ نعيد تقديم هذه المذكرة مرفقة مع هذه الرسالة، فإننا نأمل من سعادتكم، العمل على إخراج القناة الثانية وإذاعتها من نمطية العنصرية والاستعلاء والتمييز اللغوي الطبقي، وذلك بإعداد توجه لغوي يحترم الدستور وارادة المغاربة وينتصر للغات والألسن الوطنية.

 

المرفقات:

وثيقة من القناة الثانية تبين نسبة اللغيتن العربية والفرنسية في برامج الأطفال

جواب هيئة السمعي البصري بخصوص برنامج "لوريفاي مع عثمان‏"

نسخة من المذكرة الاقتراحية سالفة الذكر

عريضة توقيعات   

 



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بيان استنكاري ضد انتهاك رئيس الحكومة للسيادة اللغوية داخل البرلمان

هل يضحك الوزيران مزور وبنسعيد على المغاربة؟ رجل مع التعريب وأخرى مع الفرنسة

بيان ادانة لتصريحات مسؤول وزاري ضد جواب مزور حول اللغة الفرنسية