رسالة مفتوحة لتفعيل سيادية اللغتين الوطنيتين وطابعهما الرسمي على أرض الواقع واستبدال الفرنسية بالانكليزية
وجه مركز حماية الحقوق الاجتماعية والاستراتيجيات الانمائية بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية رسالة مفتوحة الى السيد رئيس الحكومة لتفعيل سيادية اللغة الوطنية على أرض الواقع واستبدال الفرنسية بالانكليزية وهذا نصها
إلى
معالي رئيس الحكومة
الموضوع: رسالة مفتوحة لتفعيل سيادية اللغتين الوطنيتين وطابعهما الرسمي على أرض الواقع واستبدال الفرنسية بالانكليزية
لفائدة: مركز حماية الحقوق الاجتماعية والاستراتيجيات الانمائية
سلام تام بوجود مولانا الامام
بينما تستعد المعمورة لتخليد اليوم العالمي للغة العربية، والتي تحرص الأمم المتحدة على احترام طابعها الرسمي باعتبارها إحدى اللغات الست الرسمية داخل دوائرها وأروقتها، وذلك لكون احترام الطابع القانوني لأي لغة يعكس مدى احترام سيادة القانون، يحدث ذلك، فيما نعيش نحن المغاربة داخل وطننا ذُلَّ التبعية اللغوية، المجسد في استمرار سيطرة اللغة الفرنسية المتجاوزة والمتهالكة على الإدارة والإعلام والوثائق والتواصل، واستمرار فرضها على الوطن والمواطن من خارج الدستور، وفي انتهاك جسيم للقانون وتعدي على الحقوق المضمونة في الدستور.
إننا نراسكم معالي رئيس الحكومة بهذه المناسبة، أولا لنعبر لكم عن حزننا الشديد وإحساسنا ب"الحكرة" والإقصاء ومن الاضطهاد الإداري الذي تمارسه علينا بعض الوزارات، حيث تصر على رفضها معالجة شكاياتنا وتظلماتنا، لا لشيء سوى لأنها تلامس قضية لغتنا العربية الوطنية، ولكونها تطالب بمعالجة مشكلة هيمنة اللغة الفرنسية غير القانونية، وإننا بداية، نرجو أن تتحلوا بالشجاعة التي تمكنكم من كسر هذا "التابو"، وندعوكم إلى التجاوب مع الحملات الشعبية العارمة التي شهدتها قبل مدة وسائل التواصل، والصرخات المتعالية، المعبرة عن رفض أجيال اليوم المرتبطة ارتباطا بالتكنولوجيا الحديثة وبعصر الانفتاح، للغة الفرنسية التي لم يعد لها مكان أو موقع في هذا العصر بمتغيراته ومتطلباته.
إن هيمنة اللغة الفرنسية في الإدارة والمرفق العام ما هو إلا من مظاهر المراحل القديمة التي قطع معها المغرب، وهي الفترة التي اتسمت بتغييب إرادة المغاربة، وتحكمت فيها القرارات العشوائية، وفرض فيها أصحاب المال والنفوذ السياسي اللغة الفرنسية التي درس بها أبناؤهم في مدارس البعثات، في مقابل ذلك حرصوا خلالها بشدة على تهميش لغة الوطن والمواطن، وحيث أن المغرب طوى صفحة الماضي، هذه، بما شهدته من تجاوزات لحقوق الإنسان، إلى غير رجعة، واختار مع بداية العهد الجديد النموذج الديمقراطي الواعد الذي حقق فيه مكتسبات هامة، تحت قيادة جلالة الملك نصره الله، فإننا كمغاربة مازلنا نستغرب كيف للغة بلد آخر أن تُفرض علينا من خارج إرادتنا، لكي نستعملها كرها وغصبا، في إنجاز معاملاتنا الإدارية، وفي تدبير شؤونا اليومية في المرفق العام، إلى درجة صرنا نتعرض للنصب والاحتيال في عدد من الحالات من طرف بعض منجزي العقود، كبعض المؤسسات المالية والتأمينية، والمصرفية والعقارية، حيث تستغل هذه المؤسسات عدم تمكن زبنائها أو جهلهم باللغة الفرنسية، ليجبر تحت إكراه الحاجة على توقيع عقود بشروط لا يتمكن في الغالب من فهمها، وهو ما يمكن اعتباره ضمن ما يعرف في أعراف التعاقد والالتزامات بعقود الادعان.
مقابل تعظيم اللغة الفرنسية، تتعمد عدد من المؤسسات العمومية والوزارات تحقير اللغتين الوطنيتين، وهو الظلم الذي يتقاسمه موظفو القطاع العام الذين يجبرون على التعامل مع لغة ليست لغتهم، ولا هي لغة وطنهم، ولا ينظمها أي نص قانوني، وهو ما مثل، خاصة في الحكومتين السابقتين، باعتبارهما أول حكومتين في ظل الدستور الحالي، حالة تناقض صارخة تظهر انعدام الكفاءة لديهما، حيث أنه كيف يعقل لحكومات كانت ترفع شعار الديمقراطية التشاركية، وتدعو إلى احترام القانون والدستور، وفي نفس الوقت وجدنا أن مكوناتها تصدر وثائق وتقارير وخدمات إدارية ورقمية، بلغة من خارج الدستور، وهو بكل تأكيد وضع مخجل لا نجد مثله في أي دولة ديمقراطية أو متفوقة.
كما إننا نستغرب إصرار عدد من وزراء الحكومة الحالية، رغم آمالنا العريضة فيها، على تبني الازدواجية اللغوية غير المتكافئة، والتي تزاوج بين لغتين في التواصل مع المواطن بين ، لغة وطنية لها كامل المشروعة، ولغة أجنبية لم يستفتى المغاربة حولها، بل وصدرت ضدها أحكام من طرف القضاء الإداري تعتبرها "لغة غير قانونية وتمثل انتهاكا جسيما للقانون"، هذا في حين كان على هؤلاء الوزراء، بدل استعمال لغة بلد آخر للتواصل في الصفحات والحسابات الرسمية، الحرص على استعمال اللغة الأمازيغية إلى جانب شقيقتها العربية، خاصة في ظل المطالب الشعبية المتزايدة الرافضة لاستمرار التعويل على الفرنسية، خاصة في التعليم، أمام أهمية اللغة الإنكليزية في كافة المجالات المطلوبة فيها، والتي باتت مطلبا شعبيا لا يمكن تحقيقه إلا بالتخلي عن الفرنسية.
كما نسغترب لمسؤولي الإدارة والحكومة، ممن يصرون على استعمال لغة أجنبية بدل لغة وطنهم، في إعطاء التصريحات الرسمية لوسائل الإعلام الوطنية، أو في الندوات واللقاءات التي لا تستدعي بالضرورة استعمال لغة أجنبية، كما في التواصل العام مع المغاربة.
وفي هذا الصدد لدينا تجارب مهينة، فمثلا في اتصالاتنا بلجنة الحق في الحصول على المعلومات، يتم الرد على مكالماتنا باللغة الفرنسية، رغم مطالبتنا لهم باحترام إلزامية اللغة العربية، ونفس الأمر يحدث معنا كلما اتصلنا بالهيئة العليا للسمعي البصري، وفي آخر مرة(بتاريخ 01 ديسمبر 2021) بررت موظفة التواصل هذا الخرق الدستوري، بوجود تعليمات لديها تلزمها باستعمال اللغة الفرنسية، وهو ما دفعنا إلى تقديم طلب معلومات قصد الحصول على مذكرة أو منشور داخلي يتضمن هذه التعليمات المزعومة.
إن موظفات الربط الهاتفي في المؤسسين بررتا استعمال اللغة الأجنبية بتلقيهن تعليمات من داخل الإدارة (وفق زعم المعنيات) تجبرهم على استبدال لغة المواطن المغربي باللغة الفرنسية الأجنبية، أثناء الرد على الاتصالات. ونؤكد لكم إن نفس الحادثة صدمنا بها قبل أزيد من عام، خلال اتصالنا بوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الادارة، حيث بررت الموظفة المكلفة باستقبال المكالمات، استعمال اللغة الأجنبية، هي أيضا، بوجود تعليمات داخلية، الشيء الذي يستدعي البحث في هذا التجاوز الخطير الذي بلغ حد إصدار مسؤولي مؤسسات دستورية تعليمات (وفق زعمه المعنيات) تدفعهن إلى الرد على الاتصالات بلغة مجتمع آخر، بدل تجنب استعمال لغة الوطن والدستور والإنسان المغربي الذي نضال لقرون من أجل حماية مكوناته اللغوية التاريخية، وإلزام موظفات على توظيف لغة لا ينص عليها القانون يدخل أيضا في باب الاضطهاد اللغوي حيث يرغم الموظف على استبدال لغته، وهو سلوك مجرم في العهد الدولي لحقوق الإنسان الثقافية واللغوية والاجتماعية.
حين استفسارنا لمسؤولة داخل لجنة الحق في الحصول على المعلومات عن سبب استعمال الفرنسية في الرد على المكالمات، بررت ذلك بالقول بأن الفرنسية لغة الإدارة في المغرب.
ولما كانت الفرنسية لا تتوفر على أي سند قانوني أو دستوري يمنحها المشروعية أو الحق في أن تستعمل بدل اللغتين الرسميتين، أو في أفضل الأحوال ضرة لإحداهما، ومرافقة لها، وذلك في إطار ازدواجية متمادية، حيث لا تكاد تسثنى منها ورقة ووثيقة وزقاق وإدارة وقناة أو إذاعة عمومية، ونجدها في كل شاردة وواردة، فإن هذه اللغة لا يمكن أن تظل مفروضة كلغة تواصل مع الشعب إلى الأبد، خاصة في عصر أصبح للمغاربة وزنهم العالمي.
إن لغة الإدارة لا تكون مشروعة إلا من خلال الدستور، واللغة الفرنسية لم يخترها المغاربة، فكيف تكون لغة لهذه الإدارة التي يفترض أنها ملك لجميع المغاربة؟ وهل يحق لفئة محدودة من الأسر الثرية تفضل الانتماء للفرنسية باعتبارها لغة تمايز وتباعد اجتماعي وطبقي، أن تفرض لغة أجنبية على ما يقارب أربعين مليون مواطن مغربي، وهي اللغة التي يتراجع مستوى إدراكها، خاصة وسط الشباب يوما بعد يوم، وما جاء في تقرير المجلس الأعلى للتعليم حول ضعف مستوى الأساتذة في الفرنسية أكبر دليل
إن إصرار الوزارات المعنية على فرض لغة فقدت أهميتها لدى شباب اليوم، إلى درجة باتوا يصفونها باللغة "المتجاوزة والمتهالكة"، هو بمثابة عقاب جماعي لأبناء المغاربة.
وعليه، وبعد عامين من الترافع عن لغة المغاربة، وبعد عشرات المراسلات إلى الجهات الحكومية والعمومية، وأمام هذا التعنت على تحقير لغة الوطن، وسلب اللغة العربية حقها الدستوري، وطابعها الرسمي، مقابل الانتصار للغة مجتمع آخر، وتعزيز حضورها داخل مجتمع لا تمث له بصلة تاريخية، فإننا نحث الحكومة ومسؤولي الإدارة، على سلك النهج الذي تسلكه جميع الدول الديمقراطية والمتفوقة والمتمثل في:
وحيث أن اللغة الفرنسية لم تحقق أي غاية تواصلية ولا تمثل أي مكون وطني ولا تجسد هويتنا ولا يربطنا بها أي رابط، سوى أننا أُرغمنا على التعامل بها داخل المرفق العام، وفرضت علينا في الإعلام الممول من ضرائبنا، نحن المغاربة، دون أن يؤخذ برأينا حولها، وحيث أننا لحد الساعة لا نعلم لماذا تخاطبنا قنواتنا وإذاعاتنا العمومية بلغة ليست لغتنا.
وحيث أن المغاربة كتبو بإرادتهم دستورهم وصوتوا عليه بإرادتهم، ولم يعترفوا فيه باللغة الفرنسية ولم يستفتوا بشأنها، فإن استمرار فرض هذه اللغة الأجنبية على المغاربة وفي إداراتهم وإعلامهم العمومي، فإننا كشعب مغربي نجد أنفسنا مضطرين للتعامل معها، رغم أنها مفروضة علينا من خارج الدستور، وضدا على إرادتنا المعبر عنها في النص الدستوري، وضدا على الأحكام القضائية المبطلة لها، وفي تحد صارخ للمطالب الشعبية المعبر عنها في الحملات الشعبية الواسعة المطالبة بإلغاء تدريس هذه اللغة المتهالكة وتعويضها باللغة الإنكليزية،فإنه
ندعو معاليكم، وبصفة مستعجلة، إلى العمل على استبعاد هذه اللغة الأجنبية من الإدارة والتواصل والوثائق والمرفق العام ومن الإعلام العمومي، إلا في الحالات الضرورية، ومنع استعمالها في الصفحات الرسمية على وسائط التواصل الاجتماعي، والاكتفاء باللغتين الوطنيتين، وطبعا نستثني وزارة الشؤون الخارجية.
بصفة استعجالية أيضا: إصدار مرسوم يلزم باستعمال اللغة العربية في سائر تصرفات الإدارات والمسؤولين تفعيلا للطابع الدستوري والسيادي للغة الرسمية.
ولتحقيق شروط العدالة اللغوية الحقيقية كما هو متعارف عليها كونيا، ندعو معاليكم إلى العمل على استبدال اللغة الفرنسية بالأمازيغية، باعتبارها لغة وطنية رسمية ينص عليها الدستور وينظمها قانون، وذلك في الوثائق والاستمارات والإيصالات وعلى لوحات مداخل جميع مؤسسات الدولة والتشوير والإرشادات، وحذف الفرنسية الأجنبية في الإرشادات الصوتية داخل وسائل النقل الحضري كالترامواي والحافلات الحضرية وتعويضها بالأمازيغية، وذلك اقتضاء بالنماذج المعمول بها في جميع البلدان الديمقراطية، فالمغرب ليس حالة خاصة وإنما هو جزء من العالم الديمقراطي.
تبني سياسة لغوية واقعية وعادلة، يشارك في وضعها المجتمع المدني والخبراء في القانون واللسانيات وأصحاب الرأي والاستشارة، تنتصر للغتي الوطن، وتضع اللغة الإنكليزية في المواقع والأماكن التي تتطلب فعلا حضورا للغة أجنبية عالمية باعتبار أن المغرب اليوم هو وجهة عالمية في مجالات السياحة والاستثمار، مع التركيز على الإنكليزية بدل الفرنسية في الحالات التي تتطلب اللغة الأجنبية.
إخراج مقترح قانون تنمية استعمال اللغة العربية المحجوز منذ سنوات لدى وزارة الثقافة.
إخراج أكاديمية محمد السادس للغة العربية.
وحيث أن المغاربة ليسوا ملزمين بدعم ماليا برامج مبثوثة أو مذاعة بلغة أجنبية، نعلم جميعا، أن الأغلبية الساحقة لا تستطيع الاستيعاب بها، فالمنطق والعدالة المجتمعية يقولان بالإكتفاء باستعمال اللغتين الوطنيتين في وسائل الإعلام السمعي والبصري العمومي (القنوات التلفزيونية والإذاعات).
تعليقات
إرسال تعليق